وقال في عمدة التحقيق: '' إن الشيخ المغربى الشاذلي قال: إنَّه حجَّ سنَةً مِن السنين إلى بيت الله الحرام، وكان بالحج الشريف الشيخ محمد البكري قال: فذهبت إلى المدينة المنورة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، فدخلتُ يوماً أزور قبر النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فوجدت الشيخ محمد البكري بالحرم النَّبويِّ وقد عمل درساً، قال في أثنائه: أُمرتُ أن أقول الآن قدمي على رقبة كلِّ وليٍّ لله تعالى مشرقاً كان أو مغرباً! -وهم يقولون إنَّ هذه الكلمة تُنقل عن عبد القادر الجيلاني فيما مضى- فعلمتُ أنَّه أعطي "القطبانية الكبرى"، وهذا لسان حالها، فبادرتُ إليه مسرعاً، وقبَّلتُ قدَمَيْه وأخذتُ عليه المبايعة، ورأيتُ الأولياء تتساقط عليه كالذباب، الأحياء بالأجسام، والأموات بالأرواح، فقلت حينئذ بيتَ ابن الفارض رضي الله عنه:
وكلُّ الجهات الستِّ عندي توجهت            بما تمَّ مِن نسـك وحج وعمـرة
وينقل داود بن ماخيلا عن شيخه الشاذلي أنه قال: طوبى لمن رآني، أو رآى من رآني، أو رأى مَن رأى مَن رآني... -ويقول- إنَّ الشاذلي يُقسم فيقول: والله ما مِن وليٍّ لله كان أو هو كائن إلا وقد أظهره الله عليه وعلى اسمه ونسبه وحسبه وحظه مِن الله عز وجل ''.
ويقول الشاذلي أيضاً: '' مادة كلِّ نبيٍّ وكل وليٍّ في الأصالة مِن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لكن مِن الأولياء مَن يشهد عيناً، ومنهم مَن تخفي عليه عينه ومادته؛ فيفنى فيما يرد عليه، ولا يشتغل بطلب مادته؛ بل هو مستغرق بحاله لايرى غير وقته ''